18 مايو 2011

ضد الثورة




تصاعدت  في الشهر الأخير وبالتحديد بداية من شهر مايو حدة نبرة المصريين في الحديث عن ثورة 25 يناير , وبدأ البعض يشير لها بأصابع المسئولية عما يحدث في الشارع المصري من أحداث متلاحقة تتسم جميعها بالعنف سواء على المستوى الطائفي او على مستوى الفردي المتمثل في علاقة الناس ببعضهم البعض من خلال تعاملاتهم اليومية  .
وفضلا عن اتهام الثورة بأنها كانت السبب في حالة الخلل الأمني  التي نعاني منها جميعا قام البعض بتفتيح ملفات الثورة القديمة " أي منذ بداية نشوبها " مفخماً بعض الأحداث السلبية التي تسىء للثورة والثوار كاعتداء بعض الثوار على عربات الأمن المركزي واستفزازهم لجنوده , أو ركوب بعض المعارضين لموجة الثورة وتحدثهم باسم الشعب دون تفويض أو توكيل , وحالة الاستعلاء التي انتابت بعض شباب الثورة صبيحة تنحي مبارك واحساسهم أنهم هم من أتى بالنصر المُبين وأنهم دون باقي فئات البشر .....

باختصار شديد ظهرت على الأفق حالة من النفور الشعبي من ثورة يناير التي بات الناس اليوم يصفونها بالنكسة لا الثورة ومن ترفّق بها وبمن قاموا عليها قال أحداث 25 يناير  !!!
وصار جلياً أن حالة النفور تلك باتت تزيد رقعتها حتى شملت جميع محافظات مصر ونسبة غير ضئيلة من فئات الشعب .......
 لا ريب أن من يقرأ كلامي هذا سوف يتهمني بمعاداة الثورة وموالاة النظام السابق بل ووصفي بالنفاق وأنني من مستفيدي مُبارك وزبانيته ولهؤلاء أقول أن هذا سبب جديد لحالة النفور من الثورة التي انتابت فئة كبيرة كلما انتقدت الثورة وتحدثت بصراحة عن مساوئها قوبلت بالاتهامات والادعاءات ووضعت بين خيارين أحلاهما مُر إما الصمت أو الرشق بسهام الاتهامات الزائفة  .

بعيدا عن هذا وذاك دعونا الآن نعلم لماذا هم ضد الثورة ...؟؟
ما إن استيقظ الشعب صبيحة تنحي مبارك حتى وجد نفسه قد قُسّم رغم أنفه إلى نصفين إما مع الثورة أو ضدها ووجد أن هُناك قوائم سُميت بقوائم العار أفرد لها الثوار صفحات وصفحات على شبكة الإنترنت والجرائد والمجلات فأرغم رغم أنفه على اختياراحد الجانبين مع الثورة أوعلى قوائم العار .

حين رأى الناس أن الوضع على الساحة الإعلامية  لم يتغير البتة وأن حالة النفخ الإعلامي مازالت تعمل على قدمٍ وساق بالأمس كانوا ينفخون في الملك القديم واليوم أصبح النفخ للملك الجديد دون استحياء , وأن الثوار لم يعد يشغلهم شىء سوى التحدّث على الشاشة سواء في المحطات التليفزيونية الفضائية كانت أو الأرضية أو في المحطات المسموعة كالقنوات الإذاعية المختلفة  فَرحين بهذا الفتح الإعلامي غاضين الطرف عن أن تلك القنوات التي تتبارى في استضافتهم اليوم هي نفسها القنوات التي تبارت في تشويه صورتهم واتهامهم بالعمالة والخيانة بالأمس القريب , حتى أصبح لا يمر على الناس يوم من دون أن يسمعوا صوت على الأقل أحدهم او يروا وجهه على إحدى تلك القنوات والغريب انهم لا يقولون جديدا .

حين اختزلت الثورة كل مهامها ودورها على محاكمة النظام السابق بجميع رؤسه من أصغرها لأكبرها وأفردت لذلك المليونيات الجمعة تليها الجمعة وكأن بينها وبين هؤلاء ثأر بائت لا هم لها ولا طائل سوى تخليصه ولو خلّصته على جثة هذا البلد .
وفي نفس الوقت نجدها قد غضت الطرف عن المظاهرات الفئوية وعن تعطيل عجلة العمل فلم نجد أحدهم قد دعى يوما لمليونية أو حتى وقفة تستنكر تلك المظاهرات أو ذهب بنفسه للتحدث مع هؤلاء الثائرين واعداً ومُبشراً إياهم بالفرج القريب ومُنبها تلك الجموع بخطورة تلك الوقفات على استقرار مصر .

يوم أن اختارت الثورة من يحكم مصر ويسّير أمورها دون النظر إلى كفائة أو خبرة , فقط لأنه كان أحد من وقفوا في ميدان التحرير يوما .   

حين رأينا وسمعنا من اعتبرتهم الثورة اكبر معاونيها والمُتحدثين دائماً بصوتها يتبارزون على شاشات الفضائيات بأنبى وأقذع الألفاظ لا لإثبات شىء سوى أن كل منهم هو الأفضل والأطهر يد من الآخر رغم أن الجميع يعلم أنهم في الوضاعة سواء , بل أن بعضهم قام ببث قنوات خاصة " لا نعلم من أين له بتمويلها ! " والقيام بنفسه أو عن طريق استجلاب أكبر إعلاميّ مصر بإفراد الساعات والساعات من وقت القناة للنيل من كل من يُعاديه أو حتى " يدوس له على طرف " .


يوم لم تجد الثورة سبب لحالة الانفلات الأمني والاحتقان الطائفي وكل ما يحدث في مصر سوى " فلول النظام , الحزب الوطني , أمن الدولة " وباتت ترمي بكل مصيبة تحدث في هذا البلد على عاتق هؤلاء مُذكّرة الشعب بالنظام القديم وكبشا فداه" السيد ماس كهربائي والمدعوا مختل عقلياً " الذي قد صدّع بهما رؤسنا وبتنا نعلم أن المتهم هو أحدهما حتى قبل الإفصاح عنه  .


وللحديث بقية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق